سورة الشورى - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشورى)


        


قوله تعالى: {وهو الذي يَقْبَل التَّوبة عن عباده} قد ذكرناه في [براءة: 104].
قوله تعالى: {ويَعْلَمُ ما تَفعلون} أي: من خير وشرّ. قرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: بالتاء، وقرأ الباقون: بالياء، على الإِخبار عن المشركين والتهديد لهم.
و {يستجيب} بمعنى يُجيب. وفيه قولان:
أحدهما: أن الفعل فيه لله، والمعنى: يُجيبهم إذا سألوه؛ وقد روى قتادة عن أبي إبراهيم اللخمي {ويستجيب الذين آمنوا} قال: يُشَفَّعون في إِخوانهم. {ويَزيدُهم مِنْ فَضْله} قال: يُشَفَّعون في إِخوان إِخوانهم.
والثاني: أنه للمؤمنين؛ فالمعنى: يجيبونه والأول أصح.
قوله تعالى: {ولو بَسَطَ اللهُ الرِّزق لعباده} قال خَبَّاب ابن الأرتّ: فينا نزلت هذه الآية، وذلك أنّا نَظَرْنا إلى أموال بني قريظة والنَّضير فتمنَّيناها، فنزلت هذه الآية. ومعنى الآية: لو أوسَع اللهُ الرِّزق لعباده لبَطِروا وعَصَوْا وبغى بعضُهم على بعض، {ولكن ينزِّل بقَدَرٍ ما يشاءُ} أي: ينزل أمره بتقدير ما يشاء مما يُصلح أمورَهم ولا يُطغيهم {إِنه بعباده خبيرٌ بصيرٌ} فمنهم من لا يُصلحه إلا الغنى، ومنهم من لا يُصلحه إلا الفقر.


{وهو الذي ينزِّل الغيث} يعني: المطر وقت الحاجة {مِنْ بَعْدِ ما قَنَطوا} أي: يئسوا، وذلك أدعى لهم إلى شكر مُنزله {ويَنْشُر رحمتَه} في الرحمة هاهنا قولان:
أحدهما: المطر، قاله مقاتل.
والثاني: الشمس بعد المطر، حكاه أبو سليمان الدمشقي. وقد ذكرنا {الوليَ} في سورة [النساء: 45] و{الحميد} في [البقرة: 267].
قوله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة} وهو ما يلحق المؤمن من مكروهٍ {فبما كسَبَتْ أيديكم} من المعاصي. وقرأ نافع، وابن عامر: {بما كسَبَتْ أيديكم} بغير فاء وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة والشام {ويعفوا عن كثير} من السَّيّئات فلا يُعاقِبُ بها. وقيل لأبي سليمان الداراني: ما بال العقلاء أزالوا اللَّوم عمَّن أساء إليهم؟ قال: إنهم علموا أن الله تعالى إنما ابتلاهم بذنوبهم، وقرأ هذه الآية.
قوله تعالى: {وما أنتم بُمْعِجِزين في الأرض} إن أراد الله عقوبتكم، وهذا يدخل فيه الكفار والعصاة كلُّهم.


قوله تعالى: {مِنْ آياته الجَواري في البحر} والمراد بالجوارِ: السفن. قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: {الجواري} بياء في الوصل، إِلاّ أن ابن كثير يقف أيضاً بياءٍ، وأبو عمرو بغير ياء، ويعقوب يوافق ابن كثير، والباقون بغير ياءٍ في الوصل والوقف؛ قال أبو علي: والقياس ما ذهب إليه ابن كثير، ومن حذف، فقد كَثُر حذف مثل هذا كلامهم.
{كالأعلام} قال ابن قتيبة: كالجبال، واحدها: عَلَم. وروي عن الخليل بن أحمد أنه قال: كل شيء مرتفع عند العرب فهو عَلَم.
قوله تعالى: {إِن يشأْ يُسْكِنِ الرِّيح} التي تُجريها {فيَظْلَلْنَ} يعني الجواري {رواكدَ على ظهره} أي: سواكن على ظهر البحر {لا يَجْرِينْ}.
{أو يُوبِقْهُنَّ} أي: يُهْلِكْهُنَّ ويُغْرِقْهُنَّ، والمراد أهل السفن، ولذلك قال: {بما كَسَبوا} أي: من الذُّنوب {ويَعْفُ عن كثير} من ذنوبهم، فيُنجيهم من الهلاك.
{ويَعْلَمَ الذين يُجادِلون} قرأ نافع، وابن عامر: {ويَعْلَمُ} بالرفع على الاستئناف وقطعه من الأول؛ وقرأ الباقون بالنصب. قال الفراء: هو مردود على الجزم، إِلاّ أنه صُرف، والجزم إِذا صُرف عنه معطوفه نُصب.
وللمفسرين في معنى الآية قولان:
أحدهما: ويعلم الذين يخاصِمون في آيات الله حين يؤخَذون بالغرق أنه لا ملجأَ لهم.
والثاني: أنهم يعلمون بعد البعث أنه لا مهرب لهم من العذاب.
قوله تعالى: {فما أُوتيتم من شيءٍ} أي: ما أُعطيتم من الدنيا فهو متاع تتمتَّعون به، ثم يزول سريعاً {وما عند الله خيرٌ وأبقى للذين آمنوا} لا للكافرين، لأنه إنما أعدَّ لهم في الآخرة العذاب.

1 | 2 | 3 | 4 | 5